السبت، 13 نوفمبر 2010

النقد القديم والرومانسية


أعتقدُ بأنّ فكرة العاطفة والوجدان التي تنسب غالبا إلى الشعراء الرومانسيين كانت موجود وفاعلة خلال مسيرة الشعر العربي منذ الجاهلية وحتى العصر الحديث ، فلايمكن أن ينشأ شعر بلا عاطفة أو انفعال، ولو ألقينا نظرة مثلا على الأغراض الشعرية لتبين لنا أنها نابعة من الأحساس الوجداني للشاعر والعاطفة العميقة ، وهل سُميّ الشعرُ شعراً إلا لعلاقته بالشعور والأحاسيس .                                 وتصدر عن العرب الأوائل المقولة المشهورة (أشعر الشعراء امرؤ القيس إذا ركب،والأعشى إذا طرب، وزهير إذا رغب، والنابغة إذا رهب.) فشعراء العصر الجاهلي بكوا الأطلال ، وتأثروا بألم الفراق، ونلحظ مثلا مرثية أبي ذؤيب الهذلي في أولاده تنبع كذلك بالعاطفة الحزينة على فراق الأحباب ، واتسعت مدارك الشعراء خلال العصرين الأموي والعباسي ، فبرز الغزل العفيف الذي هو ترجمة للمحبة والإنفعالات النفسية المتبادلة بين المحبين .
ولم تكن فكرة الانفعال أو العاطفة غائبة عن تصورات النقاد العرب الاوائل ، فقد أشاروا إليها أثناء روايتهم للشعر وحكمهم الذوقي باختيار أشعر بيت للعرب .
ويعتبر مصطلح التخييل مرتبطا إلى حد ما بالشعور النفسي والوجداني للشاعر في قدرته على صياغة صور لاعقلية ــ وجدانية ــ وهذا المبحث طرق من النقاد البلاغيين خلال القرون الماضية .
  فجاء عند الجرجاني تحت تقسيم للمعاني إلى قسمين: معان عقلية ومعان تخييلية، وقصد بالقسم التخييلي ما (لا يمكن أن يقال إنه صدق، وإن ما أثبته ثابت وما نفاه منفي) [1]
أما حازم القرطاجني فقد عرّف التخييل مع تعريف الشعر موضحاً أثره في النفس، مبعداً عنه الصدق والكذب، ويقصد به (أن تتمثل للسامع من لفظ الشاعر المخيّل أو معانيه أو أسلوبه ونظامه، وتقوم في خياله صورة أو صور ينفعل لتخيّلها وتصوّرها، أو تصور شيء آخر بها انفعالاً من غير روية إلى جهة من الانبساط أو الانقباض).[2] وأشار حازم أيضاً إلى أن المراد من التخييل التعجيب، مع مراعاة حال المتلقي والمقام . وهذا مما يمكن أن نعدّهُ من اللمحات الأولى للنقد الرومانسي ، والالتفات إلى آثار الشعور والوجدان والعاطفة في الشعر .
عبدالله أحمد قنيوي
ذوالقعدة 1431هـ


[1] أسرار البلاغة، عبد القاهر الجرجاني، تح: محمود محمد شاكر، مطبعة المدني بالقاهرة، دار المدني بجدة، الطبعة الأولى 1412 ه‍  1991 م. ص 275
[2] منهاج البلغاء وسراج الأدباء، حازم القرطاجني، تح: محمد الجيب بن الخوجة، تونس 1966م. ص 89

دوعن بلا غيبوبة


عبدالله بن أحمد قنيوي
شوال 1431هــ
شيء مثير للعجب والسخرية في آنٍ معاً ، عندما نشاهد كثيرا من شباب الوطن يهدرون أموالهم وأوقاتهم لامتضاغ بعض الأوراق الخضراء   ويتجاذبون بعض النكات وأطراف الأحاديث ، وربما المشاريع العملاقة ، خلال أربع ساعات يوميا تزيد أو تقل . وبذلك تذهب ثلاثون مليون ساعة يومياً في اليمن هباء منثوراً .
هذه الآفة أصابت شبابنا في مقتل ، وهم في ريعان شبابهم ، وزهرة أعمارهم ، فأفسدت أجيال ، وضيعت أموال ، وأهدرت طاقات ، ملئت الدنيا وشغلت الناس كما يقول أبو الطيب . وأصبح مستقبل هذه البلاد تكتنفهُ سحابة قاتمة مظلمة .
الدراسات والإحصائيات عن هذه الشجرة تنذر بأمر جلل ، فعدد المتعاطين لها يزيد عن سبعة ملايين مابين رجل وشاب وامرأة ، ينفق هؤلاء يوميا ً مايقارب أربعة عشر مليون دولار بمعدل دولارين للفرد الواحد ، في بلد تصل نسبة الفقر فيه إلى 40% .
وتهدر هذه الشجرة طاقات البلد ، حيث يستهلك في زراعتها ملايين الليترات من الماء ، ويقوم على رعايتها آلاف المزارعين .
في مديرية دوعن كان الصدمة كبيرة ، حين علمنا أن ألفين من شباب هذا الوادي ، يتعاطون القات ، وينفقون يومياً مايقارب مليون ريال يمني .
لم نكن نتوقع أن يغزو هذا الشيطان الأخضر قُرانا الآمنة الوادعة ، إلا حين تكسرت حصون عاداتنا الطيبة أمام قوافل القات ، التي تصل إلى دوعن يومياً عن طريق ثمان سيارات ، تحمل مايزيد على أربعمائة " بندل" حزمة قات .
 وبلاريب فإن مبادرة الشيخ عبدالله أحمد بقشان في لقاءه بشخصيات وأعيان دوعن لمعالجة هذه الظاهرة في شهر أغسطس الماضي ، أثمرت عن نتائج إيجابية كان باكورتها الحملة الاعلامية التي انتشرت في طول الوادي وعرضه ، والتي استهدفت أبناء دوعن ، وبالأخص شبابها البالغ عددهم خمسة عشر ألف شاب تقريباً.
أعتقد أننا جميعاً مطالبون بالوقوف صفاً واحدا في مواجهة هذه الظاهرة الخطيرة ــ أعني ظاهرة انتشار القات بين طلاب المدارس ــ ومن الممكن مثلا تفعيل الجانب الديني والرفع من الوازع الايماني في قلوب الناشئة  وتكثيف مفهوم العيب الاجتماعي من خلال المقاطعة التي تنتظم حلقاتها في عقد فريد ولكن بلا ضرر ولاضرار.

المكلا اليوم ... قصة نجاح حضرمية

عبدالله بن أحمد قنيوي
شعبان 1430هـ
                    
زرته مرتين الأولى حينما ألمح لي زميل ونحن في الرياض بموقع ينقل الأخبار المستجدة المحلية في محافظة حضرموت ، فجرني الفضول لتصفح الموقع ، وانبهرت به ليصل عدد المرات التي أتصفحه فيها إلى ثلاث مرات يومياً .
والمرة الثانية عندما زرت المكلا مؤخراً ، في شعبان الماضي 1430هـ ، حيث تشرفت بزيارة مقر الموقع بصحبة الزميل الإعلامي / عبدالله بن صويلح الذي يدرس الإعلام في جامعة القاهرة ، وقد غمرنا المشرفون على الموقع وعلى رأسهم الأستاذ / سند بايعشوت بالحفاوة والترحاب ، وقدموا لنا شرحا وافيا عن نشاط الموقع .
إن موقع المكلا اليوم جاء ليصنع قصة نجاح حضرمية في الصحافة الإلكترونية في عصر اتسم بسرعة الحصول على المعلومة ، وأصبحت هذه الأيام الصحافة الإلكترونية ، ومواقع الأخبار على الشبكة العنكبوتية تزاحم الصحف المقروءة .
والذي أكسب الموقع هذا النجاح والانتشار الملحوظ ، خلال فترة وجيزة ، أنه موقع يقدس الكلمة ، ويثمن قدرها ، ولقد أخذ القائمون عليه بمبدأ التحقق من مصداقية الخبر قبل الفوز بسرعة نشره ،فكان بذلك أن كسبوا ثقة جمهور كبير من محبي حضرموت .
إن الموقع يبعث الأمل ، ويبث التفاؤل في النفوس ، لأنه يحكي قصص نجاح حضرمي في الداخل والخارج ، فاستحق بذلك أن يكون الموقع الأول في حضرموت ، ولاغرو أن يصبح متصفحي الموقع بالملايين شهرياً ، وبدون مبالغة فإن هذا الرقم يحكي مدى استحواذ الموقع على قلوب كثير من أبناء حضرموت المقيمين والمغتربين في أصقاع المعمورة .
ولايحق لنا أن نغفل جهودا كبيرة تبذل من وراء كواليس الإنتاج والتحديث المستمر للموقع ، يسهر عليها شباب مخلصون ، أخذوا على عواتقهم صياغة قصة النجاح ليخلدها التاريخ ، ويتحدث عنها الدهر، ويشكرها أولو الفضل . فضحوا بوقتهم وجهدهم وربما بأموالهم في سبيل الوصول للتميز.
لقد استطاع الموقع أن يستقطب أقلاما متميزة ذات صوت حضرمي ، ونبرة يمنية ، فطالعنا على صفحات الموقع عدداً من المقالات المتميزة لأدباء وأساتذة ومثقفون أبوا إلا أن يضعوا بصمتهم في شهادة النجاح ، وأيضا ظهرت أقلام واعدة من شباب حضرموت تحسن صياغة الكلمة ، وترنيق العبارة ، أقلام ماكان لها أن ترى نور الحياة لولا هذا الموقع المتميز الذي سيبعثها للعالمية .
إنها قصة نجاح حضرمية صاغها ولازال هذا الموقع ، تحكي عن قدرة أبناء اليمن عموما وحضرموت خصوصاً  على الإبداع والتميز ، برغم الظروف الصعبة أحيانا والتي أطاحت بكثير من المنابر المرئية والمسموعة والمقروءة في عالمنا العربي .

كتاب العين للخليل


تزخر مكتبتنا العربية بالعديد من الكتب الأدبية واللغوية المتميزة ، ومنها كتاب العين لأبي عبدالرحمن الخليل بن أحمد الفراهيدي ، المولود سنة مائة للهجرة والمتوفى سنة خمس وسبعين ومائة للهجرة ، وهو كتاب قيم جمع فيه الخليل من أمثال العرب وجميل كلامها شيئا كثيرا.
وقد أحببت أن أطوف وإياكم مع هذا الكتاب ن ومع صاحبه الخليل.
فقد الف الخليل كتابه (العين ) على غير النظام الألف بائي ، وإنما ابتداء كتابه بالعين
لأنها ــ حسب رأيه ــ أول حرف يخرج من الحلق ، وانتهى بالميم ، وسمى كتابه هذا (العين) من باب تسمية الكل بالجزاء .
قال الليث : قال الخليل : كلام العرب مبني على أربعة أصناف على الثنائي والثلاثي والرباعي والخماسي .
فالثنائي على حرفين نحو: قد ، لم ، هل ، لو ، بل ، ونحوه من الأدوات ، والثلاثي من الأفعال : ضرب ، خرج ، دخل وهو الكثير في كلام العرب ، ومن الأسماء : عمر، جمل ، جبل .
والرباعي من الأفعال : دحرج ، هملج ، قرطس ، ومن الأسماء :عقرب ، جندب .
والخماسي من الأفعال : اقشعر ، واسبكر ومن الأسماء : سفرجل ، كنهبل ، عقنقل.
قال الخليل: وليس للعرب بناء في الأسماء ولافي الأفعال أكثر من خمسة أحرف ، فمهما وجدت زيادة على خمسة أحرف في فعل او اسم ، فاعلم أنها زائدة على البناء وليست من أصل الكلمة مثل : عنكبوت أصلها عنكب .
وقال الخليل : الاسم لايكون أقل من ثلاثة أحرف ، حرف يبتدأ به ، وحرف تحشى به الكلمة ، وحرف يوقف عليه .
ثم قال : وقد تجيء أسماء لفظها على حرفين ، وتمامها ومعناها على ثلاثة أحرف ، مثل : يد ، وفم ، ودم ، وإنما ذهب الثالث لعلة أنها جاءت سواكن .
قال الليث : قال الخليل : اعلم أن الكلمة الثنائية تتصرف على وجهين : قد ودق ، شد ودش.
والكلمة الثلاثية تتصرف على ستة وجوه وتسمى مسدوسة نحو : ضرب، ضبر، برض ، بضر ، رضب ، ربض .
والكلمة الرباعية تتصرف على أربعة وعشرين وجها ،  وذلك أن حروفها وهي أربعة أحرف تضرب في وجوه  الثلاثي الصحيح وهي ستة فتصير اربعة وعشرين وجها يكتب مستعملها ويلغى مهملها نحو عبقر ، تقول منه :
عقرب ، عبرق ، عقبر ، عرقب ، عربق ، قعرب ، قبعر، قبرع ، قرعب ، قربع ، رعقب ، رعبق ، رقعب ، رقبع ، ربقع ، ربعق ، بعقر، بعرق ،بقعر ، بقرع ، برعق ، برقع .
والكلمة الخماسية تتصرف على مئة وعشرين وجها وذلك أن حروفها وهي خمسة أحرف تضرب في وجوه الرباعي وهي أربعة وعشرون  حرفا فتصير مئة وعشرين وجها يستعمل أقله ، ويلغى أكثره .
والكتاب جميل وممتع انصح باقتنائه او الإطلاع عليه  .


ذوالقعدة / 1430هـــ

قصة الطموح .. وروعة الإنجاز


مجمع السيدة خديجة بنت خويلد

يقال أنك إذا علمت رجلا فقد علمت شخصاً فقط ، أما إذا علمت امرأة فقد علمت أجيالا، وهو نفس المعنى الذي عناه شوقي حين قال :
الأم مدرسة إذا أعددتها * ** أعددت شعباً طيب الأعراق
قصة الطموح التي صاغها مجمع السيدة خديجة بنت خويلد بدوعن تستحق أن ينحني القلب لها إجلالا وإكباراً. قصة ينبغي  أن يخلدها التاريخ ، ويتحدث عنها الدهر ، ويشكرها أولو الفضل .
    شيء جميل أن نرى أخواتنا وبناتنا ينهلن من معين العلم ، ويرتشفن من ينبوعه الصافي ، ويصعدن في سلم المعرفة.
عندما حضرنا حفل تكريم الطالبات المتفوقات في شهر ربيع الآخر الماضي ، رأينا التنافس الشديد بين الطالبات على إحراز المراكز الأولى . في تلك الليلة ابتهج الوادي الأخضر بورداته اللواتي أثبتن بذكائهن وريادتهن أن المرأة الحضرمية متميزة دوما ، ذكية حريصة على الحكمة ، ولهن في الملكة بلقيس أسوة .  
شكرا لمن غرس بذرة هذا العمل العظيم والرائع، فأينعت ثمارها عقولا نيرة . شكرا للوالد المربي الشيخ المهندس / عبد الله أحمد بقشان  الذي لم يألو جهدا في تقديم الدعم المادي والمعنوي ، فكتب فصول قصة النجاح ، وزرع بذرة هذا الانجاز ، وأحاطها بعنايته ، وتعهدها برعايته ، حتى استوت على سوقها ، فكانت شجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء.
شكرا للمبدعة والمتميزة الأستاذة / هدى بن عفيف مديرة المجمع ، التي قادت القافلة بمهارة فائقة ، فكانت أماً حنوناً ، وأستاذاً مربياً ، وعقلا فذاً ، فوصلت إلى أعلى مراتب المجد والإبداع في زمن قياسي .
شكرا لكل معلمة غرست في قلوب طالباتها حب العلم ، والبحث عن المعرفة ، واقتناص الفائدة ، والتحلي بأجمل الأخلاق ، وأروع المثل ، فأخرجت لنا جيلا عظيما من الأمهات ، سيضعن بصماتهن واضحة في مسيرة الأجيال مستقبلا . ولئن كان الرجل هو نصف العالم ، فإن المرأة هي العالم كله.  
في تلك الليلة البهية كرمت طالبتان من صيف ، أحرزن مراكز متقدمة ، في المرحلة الثانوية ، فكان الاحتفال بهن عرساً بهيجاً ، ليس لأنهن نجحن فحسب ، بل لأنهن كسرن حاجز الخوف من المواصلة ، فكن أول طالبات يدرسن المرحلة الثانوية هن وزميلاتهن الخمسة عشر.
فهنيئا ي لنا أبناء الوادي قبل أن نهنئهن ، ومبارك علينا أن وجد من سيفتح لبناتنا نافذة من النور، يشرق سناها على الأجيال القادمة من أبناء وادي دوعن خصوصا وحضرموت عموما .   

ربيع الأول / 1431هــ

مَخطُوطَاتُ وَادِي دَوعَن ،،،،،،،،،،، أأيقَاظٌ أميَّةُ أمْ نيَامُ



عبدالله بن أحمد قنيوي ـــ الرياض ـ 
يشتهر وادي دوعن بعددٍ من العلماءِ العاملين الربانيين ، الذين كان لهم دورٌ بارزٌ في إثراء المكتبة الإسلامية بعدد نفيس من المؤلفات الرائعة . فمن لايتذكر الشيخ باحنان صاحب كتاب ( جواهر الأحقاف ) ، والشيخ باعشن صاحب المؤلف ذائع الصيت ( بشرى الكريم ) ، والشيخ باصبرين ، والشيخ باسودان ، والشيخ باجماح ، وغيرهم الكثير.
ولاريب أن هؤلاء العلماء تركوا تراثاً عظيماً ، وكنوزاً ثمينة من المخطوطات ، لكن السؤال المهم ، أين تلك المخطوطات التي أنفق فيها هؤلاء العلماء زهرة أعمارهم ، رغبةً  في نفع الأمة  ورفع الجهل عنها . هل مازالت حبيسة بيوتهم ؟ أم أن أيدٍ خفيةً قد عبثت بها ، فذهبت جهود هؤلاء الأفذاذ أدراج الرياح .
 لايوجد لديّ أدنى شك أن كثيراً من التراثِ مخبوءٌ في بيوتِ بعضِ الأسرِ ، وخلفَ عتباتِ كثيرٍ من المساجدِ العتيقة في الوادي . ولو اتجهت أنظار الباحثين إلى بعض المساجد القديمة مثلاً ، لظفروا بدررٍ غاليةٍ من المخطوطاتِ .
إن الكثيرَ من المخطوطاتِ قد أصابها التلفُ بسببِ تأثرِ المواد التي تدخل في تكوينها بالتحلل ، نتيجة الرطوبة والحرارة أو الضوء. فهل من الباحثين والمهتمين بالتراث من سيعي هذا الخطر، وسيهُبُ ليجمعَ هذه الكنوزِ الثمينةِ. أتمنى أن يتم إنشاء ( مركز الآثار والمخطوطات بوادي دوعن ) ثم يتضافر مجموعة من الشباب لجمع الآثار والمخطوطات في الوادي ، بالتعاون مع مكتب التربية والتعليم بالمديرية ، وبمباركة هيئة تطوير خيلة بقشان كونها داعمة للعلم ، راعية لأبنائه . نعم قد يكون في الأمر صعوبة بادئ ذي بدء ، ولكن تهون تلك الصعوبات ، في مقابل الحفاظ على هذا التراث العظيم من الضياع . ومن الممكن مثلا ً استخدام أجهزة متطورة لحماية المخطوطات ، وتغليفها أو تصويرِ المخطوطاتِ بالميكروفيلم ومن ثمّ تخزينها على أقراصٍ مدمجةٍ.
وبالنسبة للمخطوطات التي يمتلكها الأفرادُ في بيوتهم فإنهُ في حالةِ موافقةِ مالكِ المخطوطةِ ، سيتم تصويرها وضمها ضمن الفهرسِ الموحدِ للمخطوطاتِ الخاصة بالوادي . وسيتمُ إعادة المخطوطةِ الأصلِ لصاحبها.
أتمنى أن نجد نافذةَ  أملٍ ، قبلَ أن تذهبَ هذهِ الثروة أدراجَ الرياحِ ، وتبتعدُ بها موجات نهر الزمن بعيداً. وأتمنى أن نعي جميعاً مقدار الأهمية الكبيرة المخزونة في هذا التراث العظيم ، والكنوز الثمينة المتمثلة في تلك المخطوطات ، كيف لا وهي وثيقة صامته للتاريخ ، ووسيلة للربط بين الماضي والحاضر.   


رجب 1431هــ

جلالة الملك وسيادة الرئيس


لقد دقت طبول الفرح ، وازدانت البلاد بالابتهاج ، ولم يبق أحد من الشعب إلا وهو (سعيد)
إنه اليوم الذي نصب فيه للحكم { جلالة الملك أوسيادة الرئيس }  وجلس على كرسي الحكم
وإعلانا للسرور بهذا اليوم فقد دبج الشعراء أحسن القصائد الشعرية الطنانة وأروعها.
وبثت قنوات التلفاز تغطية مباشرة للاحتفالات ، وبرامج حوارية عن هذا اليوم المجيد
ولم تنسى الصحف والدوريات أن تعرض لسيرة { جلالة الملك أوسيادة الرئيس }
الحافلة بالعطاء والانجاز والتفاني في خدمة الشعب ، والسهر على مصالحة.
واحتفالا بهذه المناسبة وتخليدا لذكر{ جلالة الملك أوسيادة الرئيس } في القلوب
فقد أقرت الحكومة أن تسمي الشارع الرئيسي في كل مدينة
 باسم { جلالة الملك أوسيادة الرئيس } حتى يتذكره الناس في غدوهم ورواحهم
وسارعت وزارة التعليم لاعتماد بناء عدد من المدارس التي تحمل اسم
{ جلالة الملك أوسيادة الرئيس } ، حتى يصبح التعليم للجميع كالماء والهواء.
وإكمالا للابتهاج بفخر البلاد فقد تم تحويل اسم أشهر جامعة في البلاد
لتحمل اسم { جلالة الملك أوسيادة الرئيس } تشجيعا للتعليم وخدمة للعلماء.
وفي وسط العاصمة تم بناء أكبر مسجد وقام على بناءه أشهر البنائين المهرة
وصرفت عليه أموالا طائلة ، ثم رصعت على بوابته لائحة عظيمة مطرزة بأجمل
فصوص الزبرجد والياقوت تحمل اسم { جلالة الملك أوسيادة الرئيس }
وارتسمت الفرحة والبسمة على وجوه الفقراء والمساكين والأيتام فقد أسست
جمعية أومؤسسة تحمل اسم { جلالة الملك أوسيادة الرئيس }
و تم إقرار بناء أكبر مستشفى يحتوي على كافة الخدمات والتسهيلات
 ولم ينس وزيرالصحة بأن يصرح أن المستشفى سوف
يكون باسم { جلالة الملك أوسيادة الرئيس }  
ولاتنسى أخي قارىء هذا المقال إذا رزقك الله بذرية صالحة
أن تسمي أحد أبناءك باسم { جلالة الملك أوسيادة الرئيس }










حليلة الشعر ،،،،،،، بين الوهم والحقيقة



ما إن نسمع قصيدة جميلة من شاعر شعبي مبدع ، ألا ويطلق البعض عليه عبارة (عنده حليلة ) وهم يقصدون أن الجن يلقون على لسانه الشعر، أوأنه مقترن بجنية تلقي في روعة الشعر.
فهل للحليلة حقيقة في الواقع ، أم أنها من توهم الشعراء ، وكيف يمكن أن نتقبل ذكر الحليلة أوالتابع من الجن التي وردت في القصص الشعبي ، وهل حليلة الشعر خاصة بالشعر الشعبي أم أن الشعر الفصيح يمكن أن يكون من إيحاء الجن .
لقد ارتبط ذكر حليلة الشعر غالبا بالشعراء الشعبيين ، وصيغ عدد كبير من القصص الذي يكاد يكون أشبه بالخرافة أو الأسطورة ، ومن تلك القصص الشعبية التي تذكر الحليلة عندما توحي لصاحبها بالشعر، قصة الشاعر الكبير صويلح بن صويلح وهو من سكان صيف يخاطب الحليلة بعد أن غاب عنها فترة طويلة في الطائف فجاءته زائرة فقال لها :
                           يالحليلة وراش اليوم قد لونش اغبر*** شفت راسش بيض والشيب سينة بسينة
                           عبرتي ع بحور النيل والبحر الاحمر**** لي فيه الصدف واللول عينة بعينة
ردت الحليلة عليه ، فقالت :
                              جيت لجلك إلى الطائف في الليل لغدر* جيت من حجر بن دغار لما كنينة
                              بحذرك هت كلام الصدق ونته تحذر* ماالقناصة تبى مخلوق يخزم حذينة
وحيث صدقنا أو لم نصدق هذه الحكاية فإن كثيرا من العامة يصدقها ويؤمن بها ، وربما تصبح الحليلة قرينة للشاعر فتمنعه النوم أحيانا ، أو تجره إلى أماكن غريبة في ظلام الليل ، لكن مع ذلك تكون له عون ونجاة في أحلك الظروف عندما يتبارى بالشعر مع أقرانه فإذا هي تلقي في روعة من جزل الكلام وحسن القول فيغلب ولايغلب .
لكن هل يلزم أن يكون لكل شاعر حليلة أوقرين من الجن ، هذا الذي لايكاد أحد يقول به ، ويوجد كثيرمن الشعراء ينفي أن يكون له علاقة بالحليلة ، ويصف مايحدث له أثناء قول الشعر بالهاجس .
وتابع الجن هذا هل هو ذكر أم أنثى ؟ إن غالب القصص الشعبي تذكر أنثى الجن (الحليلة ) دون ذكر للتابع ، مع أن القصص الخرافية التي وردت عن الشعراء الجاهليين وعلاقتهم بالجن تروي أن من يلقي في روعهم الشعر هم ذكور الجن ، على نحو ماتروى القصة التالية عن الأعشى ميمون بن قيس أنه كان متوجها إلى اليمن لمدح بعض أمراء القبائل وفي طريقه لليمن أظلم عليه الليل وهو بواد مقفر، وكان على أثر سماء (يعني مطر) فاحتمى في احد الكهوف وإذا به يرى رجلا واقفا أمامه كثيف اللحية وكانت بيضاء فقال الأعشى: من أنت فأجابه أنا عابر سبيل، وأنت ، قال الأعشى: أنا شاعر وأتكسب بشعري قال له: الشيخ ماذا قلت من شعر قال الأعشى قلت :
                                     ودع هريرة إن الركب مرتحل * وهل تطيق وداعا أيها الرجل
وهذا البيت مطلع معلقته الشهيرة ، استوقفه الرجل الكبير وقال : من هريرة هذه ، قال الأعشى : اسما انطلق في روعي فقلته ولا أعلم من هريرة تلك . فواصل إنشاد معلقته إلى إن قال :
                                 تقول ماوية إن جئت زائرها * ويلي عليك وويلي منك يارجل
فأستوقفه الرجل الكبير وقال : ومن ماوية تلك ، قال الأعشى : مثل أختها اسما انطلق في روعي فقلته ...
قال له الرجل الكبير : هل تعلم من هريرة وماوية قال لا . فنادى الرجل الكبير اخرجي يا هريرة ويا ماوية فخرجتا فكان طولهما لايتعدى شبرا واحدا قال الأعشى من أنت يا رجل قال أنا هاجسك وملقي الشعر على لسانك أنا مسحل بن أثاثه وهؤلاء بناتي هريرة وماوية.
وهذه القصة من القصص الخرافي والأسطوري عن الجن وعلاقتهم بشعر الأنس ، وهو ماتفنن فيه وتفرد به رجل أديب يسمى ابن شهيد الأندلسي الذي ألف رسالة سماها (التوابع والزوابع ) وذكر فيها بعض الشعراء وعدد لهم تابع من الجن يلقي في روعهم الشعر .فالعلاقة بين الشعر والجن تخمين عربي عريق ، وكما ينقل عن أبي زيد القرشي (من عبيد لولاهبيد) وهبيد هذا هو شيطان الشاعر عبيد بن الأبرص ، فقد كانت العرب تعتقد أن لكل شاعر شيطان يهجيه الشعر.
وهذه الثقافة سادت لدى العرب لاعتقادهم بأن الشعر شيء خارج عن طاقة الفكر البشري ، فلاغرو أن ينسب إلى الشياطين لاعتقادهم بأنها تمتلك قوة عليا ، أعلى من قوة البشر الجسدية والفكرية والوجدانية .
والانسياق وراء هذه الترهات ، فيه شيء من تهميش العقل ، والانعتاق من التفكير السليم ، إذ أننا بقولنا هذا نجزم أن مصدر شعر الإنس من نتاج الجن ، وبذلك نجرد الفكر البشري ـ وهو الأرقى ـ  من غزارة إنتاجه ، وقوة حدسه ، ويصبح بذلك شعراؤنا ناقلون لكلام الجن . ونحن لا ننكر أن في الجن شعراء وخطباء وفيهم المبدعون .. ولكن لا يعقل أن ننسب إبداع الإنس لهم ونسلب الإنس حقهم في الشاعرية والعواطف والإبداع اللفظي ، ولو قلنا أن كل شاعر له ساقي بدونه لا يمكن أن يقرض الشعر لسلبنا الإبداع عن الإنس ، ويقتضي الحال أن نقول بذلك أن الشاعر الإنسي ما هو إلا أداة في يد الجني يهجو عنه ويمدح بدلا عنه ويتغزل نيابة عن عواطفه...
فإذا ما أيقنت كغيري من المثقفين بأن جميع ماقيل عن علاقة الجن بشعر الإنس هو من الخيال ، وأن جميع قصص توابع الجن لشعراء الأنس هي أسطورية ، فمن يحدث عامة الناس ، ومحبي الشعر الشعبي بعدم وجود (الحليلة ) ومن يقنعهم  أن مايحدث للشعراء إنما هي لحظة رقي فكري ، وإبداع وجداني ، يقول الشاعر في تلك اللحظة ما لايستطيع أن يقوله في غيرها ، بل من لديه الجرأة أن يرد جميع القصص الشعبي التي تذكر حكايات الجن مع شعراء الأنس .

ذوالحجة 1430هـــ



نازك الملائكة وقضايا الشعر المعاصر



في مقدمتها للطبعة الخامسة لكتابها " قضايا الشعر المعاصر " تضيف نازك بعضا من الآراء التي أفرزها عامل الزمن بعد اثنتي عشرة سنة من وضعها قواعد الشعر الحر. وحفزها المد العظيم من القصائد الحرة الذي غمر العالم العربي .
وهي تعيد صياغة بعض القواعد التي وضعتها في بداية مسيرتها النقدية حيث تبدو بالنسبة لها تحمل شيئا من التزمت لأن في سمعها الموسيقى تطور .[1]
وتضيف ( أقول كل هذا مع أن اغلب القواعد التي وضعتها عام 1926م ، مازالت جارية  والشعراء يستعملونها في قصائدهم، وكل ماأحتاج الآن أن أضع الهوامش على ذلك القانون الأول ، وأستثني منه بعض الحالات معتمدا على ثلاثة منابع : معرفتي للعروض العربي ، واطلاعي المستمر على قصائد زملائي الشعراء  واعتمادي على سمعي ) [2]
وتذهب في مبحث الشعر الحر والتراث ، إلى البحث في جذور الشعر العربي عن بدايات لشعر التفعيلة  ، فتنقل أفكار عبدالكريم الدجيلي التي أوردها في كتابه "البند في الأدب العربي تاريخه ونصوصه" وكشف عن وجود قصائد من هذا النوع تنسب إلى ابن دريد في القرن الرابع الهجري، مع أن الباحث لم يجزم أنها من الشعر الحر ورفض الباقلاني نسبة هذه القصيدة لابن دريد ، ونازك توافق الباقلاني الرفض لأسباب منها : أن ابن دريد حطم استقلال البيت العربي باستعماله التضمين ، وخرج على قانون تساوي الأشطر في القصيدة الواحدة، ونبذ القافية نبذا تاماً) [3]
وترى نازك ( أن أعظم ارهاص بالشعر الحر هو مايعرف بالبند ، لابل إن هذا البند هو نفسه شعر حرّ للأسباب التالية :
1.    لأنه شعر تفعيلة .
2.    لأن الأشطر فيه غير متساوية الطول .
3.      لأن القافية فيه غير موحدة . )[4]
وتتسأل هل أخذت هي أو السياب فكرة الشعر الحرّ من البند ؟ لكنها تستبعد هذه الفكرة فتقول : ( فمن المستبعد عندي أن يكون السياب قد أتيح له عام 1964م أن يسمع بالبند ، لأنني أنا نفسي على قوة معرفتي بالتراث العربي لم أتعرف إليه قبل سنة 1953م بعد نظمي لأول قصيدة حرة بست سنوات ، ، وعلى هذا لايكون الشعر الحر حفيدا للبند وإن كان بينهما هذا الشبه الكبير ) [5]
بدايات الشعر الحر
تسعى نازك لإيجاد العذر لنفسها حين لم تذكر القصائد التي نشرت منذ 1932م ، معللة ذلك بعدم اطلاعها على تلك القصائد التي كتبها علي باكثير ، ومحمد فريد أبي حديد ، ولويس عوض وآخرون . وتشير أن أحمد مطلوب أورد في كتابه " النقد الأدبي الحديث في العراق " قصيدة من الشعر الحر نشرت عام 1921م .  ([6])
وتتسأل هل نستطيع أن نحكم أن حركة الشعر الحر بدأت في العراق سنة 1921م ؟ أو أنها بدأت في مصر عام 1932م ؟ وتقول : ( الواقع أننا لانستطيع ، والذي يبدو لي أن هناك أربعة شروط ينبغي أن تتوفر لكي نعتبر قصيدة ما هي بداية هذه الحركة وهي :
1.    أن يكون الناظم واعيا أن استحدث بقصيدته أسلوبا وزنيا جديدا ، سيكون مثيرا للجمهور.
2.    أن يقدم الشاعر قصيدته مصحوبة بدعوة إلى استعمال هذا اللون في جرأة وثقة ، شارحا الأساس العروضي لما يدعو إليه .
3.    أن ثير دعوته صدا لدى النقاد والقراء .
4.    أن يستجيب الشعراء للدعوة ويبدأوا باستعمال اللون الجديد ، وتكون الاستجابة على نطاق واسع من العالم العربي . ([7])
وتلاحظ معي أن هذه الشروط انطلقت فيها نازك من قوانين تخدم أسبقيتها للظهور بقصيدة التفعيلة ، لذا فهي تعتبر تلك القصائد قبل عام 1947م "ارهاصات " تتنبأ بقرب ظهور حركة الشعر الحر. ولعل العصر نفسه لم يكن مهيأ حتى ظهر ديوانها " شظايا ورماد " 1949م ، وفيه الدعوة الواضحة الى الشعر الحر . ([8])
وترد على النقاد الذين زعموا أنها كانت تعلم بتلك القصائد لكنها تعمدت اغفالها ... معللة سبب اندفاعها للتجديد في الشعر العربي بأن راجع الى أمرين: أحدهما معرفتها بالعروض العربي، وثانيهما : قراءتها للشعر الإنجليزي ، وهي مقتنعة أنها و لم تبدأ حركة التجديد ، هي أو شاكر السياب لبدأ بها آخرون . ([9])
ونتجاوز حديثها في تلك المقدمة عن بحور الشعر الحرّ ، والجمع بين التشكيلات غير المتجانسة ، لنطالع حديثها في ختام المقدمة حين تقول : ( لعل القواعد التي قبلتها الآن ستتطور على أيدي شعراء آخرين يأتون بعدنا ، وكل ماأتمنى أن يسلح الشعراء أنفسهم بكثرة القراءة للشعر السليم الخالي من الأخطاء العروضية وأن يكفوا عن الخروج على الوزن مرارا عبر الكثير من قصائدهم . ([10])
وتعتبر نازك القواعد التي وضعتها للشعر الحرّ مابين سنة 1949م و1926م مازالت صحيحة لاغلط فيها ، وتضيف بأن الحواشي التي وضعتها في الطبعات اللاحقة للكتاب لاتدل على "التراجع" أو " النكوص " عن قانونها السابق لأنه كان مغلوطا ، فلإن هذا الحكم ليس صحيحا ولاواردا . ([11])
بداية الشعر الحر وظروفه
في الفصل الأول تحدثت نازك عن بداية الشعر الحر وظروفه، فذكرت أن بداية الشعر الحر كانت عام ١٩٤٧ م في العراق. ومن العراق انتشر هذا الضرب الجديد من الشعر في أرجاء الوطن العربي كافة. وأول قصيدة من الشعر الحر نظمتها نازك كان عنوانها الكوليرا نظمتها في السابع والعشرين من شهر تشرين الأول وذلك عام٩٤٧ م. ([12]) 
وفي منتصف الشهر الثاني من ذلك الشهر أصدر السياب ديوانه " أزهار ذابلة " وفيه قصيدة حرة الوزن من بحر الرمل عنوانها ( هل كان حباً ) ... ثم مضت سنتان كاملتان لم تنشر الصحف شعراً حرا على الاطلاق ، ثم في صيف سنة 1949م أصدرت ديوانها " شظايا ورماد " ضمنته مجموعة من القصائد الحرة ، وقدمت لديوانها بمقدمة مسهبة بينت فيها وجه التجديد في ذلك الشعر، واختلافه عن أسلوب القصائد ذات الشطرين، ودواعي إضرابها عن محاكاة قصائد الشعر الخليلي. ([13])
تقول في مقدمة ديوانها " شظايا ورماد " ( في هذا الديوان لون بسيط من "الخروج" على القواعد المألوفة. يلاحظ في قصائد مثل "جامعة الظلال" و"لنكن أصدقاء" و"مرثية يوم تافه" و"أغنية الهاوية" وسواها. وقد يحسن بي أن أؤكد للقارئ أنني لا أعد نفسي واحدة من المرهفين الذي تحدثت عنهم في الصفحات السابقة، سوى أنني أحسست أن هذا الأسلوب الجديد في ترتيب تفاعيل الخليل يطلق جناح الشاعر من ألف قيد. ) ([14] )
ولاتعتبر ـ نازك دعوتها خروجا على طريقة الخليل وإنما (وإنما هو تعديل لها، يتطلبه تطور المعاني والأساليب خلال العصور التي تفصلنا عن الخليل ) ([15] )
وتعتبر نازك القافية حجر تلقمه الطريقة القديمة كل بيت ، فتقول : (وليس هذا مكان الحديث عن الخسائر الفادحة التي أنزلتها القافية الموحدة بالشعرالعربي طوال العصور الماضية، وإنما المهم أن نلاحظ أن هذه القافية تضفي على القصيدة لونا رتيبا يمل السامع فضلا عما يثير في نفسه من شعور بتكلف الشاعر وتصيده للقافية ومن المؤكد أن القافية الموحدة قد خنقت أحاسيس كثيرة، ووأدت معاني لا حصر لها في صدور شعراء أخلصوا لها ) ([16] )
وفي السعي إلى معاني جديدة ، ترى نازك أن اللفاظ القديمة سجن للمعاني ، وتضيف ( قلتُ إن اللغة العربية لم تكتسب بعد قوة الإيحاء، لأن كتابها وشعراءها لم يعتادوا استغلال القوى الكامنة وراء الألفاظ استغلالا تاما، إلا حديثا، فقد بقيت الألفاظ طول قرون الفترة الراكدة "المظلمة.." تستعمل بمعانيها الشائعة وحدها. وربما كان ذلك هو السبب في جنوح الجمهور العربي جنوحا شديدا إلى استنكار المدارس الشعرية التي تعتمد على القوة الإيحائية للألفاظ، كالرمزية، والسريالية، على اعتبار أن هذه المدارس تحمل اللغة أثقالا من الرموز والأحلام الباطنية والخلجات الغامضة، واتجاهات اللاشعور، ومثل ذلك مما لا تنهض به إلا لغة بلغت قمة نضجها. ) ([17] )
وبالعودة إلى كتاب قضايا الشعر المعاصر نراها تشير إلى الآثار والضجة التي أحدثها الديوان وهي كالتالي :
1.    أما النقاد : فأثاروا مناقشات حامية ، وكان كثير منهم يتنبأ للدعوة بالفشل الأكيد .
2.    وأما الجمهور : فأستجاب للدعوة في صمت وخفاء .
3.    وأما الشعراء فماكادت الأشهر العصيبة الولى تمر حتى بدأت تظهر قصائد حرة الوزن ينظمها شعراء يافعون في العراق .
وأشارت إلى الاصدارات التي تلت دعوتها ، ومنها ديوان عبدالوهاب في ديوانه         ( ملائكة وشياطين ) وشاذل طاقة في ديوانه  ( المساء الأخير)، وبدر شاكر السياب في ديوانه ( أساطير)  وتتالت بعد ذلك الدواوين، وراحت دعوة الشعر الحر تتخذ مظهرا أقوى، حتى راح بعض الشعراء يهجرون أسلوب الشطرين هجرا قاطعا ليستعملوا الأسلوب الجديد. ([18])
الظروف
رأت نازك أن المحاولات الأولى لنظم الشعر الحر، واجهتها عقبات وظروف بعض تلك الظروف عام يتعلق بطبيعة الحركات الجديدة، وثانيهما يتصل بالشعر الحر نفسه  ففيما يتصل بالجانب الأول رأت نازك أن الشعر الحر قد بدأ حييا ، مترددا ، مدركاً أنه لابد أن يحتوي على فجاجة البداية ، وكل حركة جديدة تتعرض لمثل هذه الفجاجة وهي تتطلب زمنا لتدرك النضج.   
أما الجانب الثاني فهو يتصل بالشعر الحر نفسه، فهو حركة جابهها الجمهور أول مرة في هذا العصر ، فهو شعر جديد يختلف عن الموشحات الأندلسية، وعن شعر  البند المعروف في العراق. ([19])
وقد تعرض الشعر الحر لمعارضة كثير من الشعراء والنقاد في بادئ الأمر، ورأوا أنه نثر عادي لا شعر، وذلك قبل أن يستحكم نسجه وينتشر ، فتقول نازك ( ولعل أبرز الأدلة على أن حركة الشعر كانت وليدة عصرنا هذا أن أغلبيىة قرائنا مازالوا يستنكرونها ويرفضونها ، وبينهم كثرة لايستهان بها تظن أن الشعر الحر لايملك من الشعرية الا الاسم فهو نثرعادي لا وزن له )
( ونتيجة لهذه الظروف العامة والخاصة يسهل أن يسقط المبتدئون من الشعراء في التشابه والتكرار الممل ، فينهج الواحد منهم نهج زملائه الاخرين دونما ابتكار ) ([20])
المزايا المضللة في الشعر الحر
مع أن أوزان الشعر الحر تمتلك مزايا عظيمة تسهل على الشاعر مهمة التعبير إلا أن نازك تحذر من وهم سهولة النظم على الأوزان الحرة، فمن يتصدى للنظم على هذه الأوزان يقع في مزالق خطرة، تكون قادرة على خلق امكانيات الابتذال والرخاوة  إن لم يراع ما يتطلبه قول الشعر على هذه الأوزان من جهد كبير،ومراعاة للموسيقا واختيارالموضوعات المناسبة. فالحرية التي يتوهمها بعض الشعراء في الشعر الحر تؤدي بالشاعر إلى ركاكة الأسلوب وتفاهة المعاني ، وتتناول نزك هذه المزايا الخادعة وهي ثلاث :
أولاً : الحرية البراقة التي تمنحها الأوزان الحرة ... والحق أنها حرية خطيرة ... فالشاعر حين يبدأ في قصيدته تخلب لبه السهولة التي يتقدم بها فلاقافية تضايقه ، ولاعدد معينا للتفعيلات يقف في سبيله ... فيصبح في نشوة هذه الحرية ، سكران بالحرية ... وهكذا ينطلق الشاعر حتى من قيود الاتزان ووحدة القصيدة ، وأحكام هيكله ،وربط معانيها فتتحول الحرية إلى فوضى ([21])
ثانياً : الموسيقى التي تمتلكها الأوزان الحرة تضلل الشاعر ، ففي ظلها يكتب الشاعر كلاما غثاً مفككا دون أن ينتبه ، لأن موسيقية الوزن وانسيابه يخدعانه ويخفيان العيوب ، ويفوت الشاعر أن هذه ليست موسيقى شعره وإنما هي موسيقى ظاهرية في الوزن نفسه .
ثالثاً : التدفق ، وهي مزية معقدة ، وينشأ التدفق عن وحدة التفعيلة في أغلب الأوزان الحرة ... وهذا  مايجعل الوزن يتدفق تدفقاً سريعاً ... فتخلو القصيدة من الوقفات  والوقفات مهمة كما يعلم الشعراء ، شديدة الأهمية في كل وزن ... وعندما نلاحظ الوقوف في أوزان الخليل نرى أن البحور الستة عشر ذات الشطرين تقف عند نهاية الشطر الثاني من البيت وقفة لامهرب منها ، فتنتهي الألفاظ وينتهي المعنى ... واستقلال البيت كان مزية عند العرب ، بل كانوا يعتبرون التضمين عيبا فادحاً . ([22]) والشعر الحر يعتمد تحطيم استقلال الشعر تحطيما كاملا ، لذلك لانجد له وقفات ثابتة حتى مع وجود القافية نهاية كل شطر... ولذلك فالشاعر في الشعر الحر ، ليس ملزما أن ينهي المعنى والإعراب عند آخر الشطر .. وهنا ينهض المشكل .. فقد راح الشعراء الناشئين يكتبون بلا توقف ، فكأن المرء وهو يقرأ شعرهم يجري في معترك لاهث لاراحة فيه . ([23])
نتائج التدفق في الأوزان الحرة
وهذه التدفقية في رأي ــ نازك ــ تؤدي إلى قيام ظاهرتين ملحوظتين في الشعر الحر يمكن أن تعد من عيوبه وهما  :
( أ ) تجنح العبارة في الشعر الحر إلى أن تكون طويلة طولاً فادحا ، ثم تورد أمثلة لذلك من شعر السياب ، والبياتي ، وتضيف ( والحقيقة أننا لو تأملنا قيود الأوزان الحرة لوجدناها لاتقل عن قيود أوزاننا القديمة إن لم تزد ) ([24])
ب) تبدو القصائد الحرة وكأنه متدفقة لاتريد أن تنتهي ، وليس أصعب من اختتام هذه القصائد ... خاصة في قصائد الوصف والمناجاة ونحوها ، وفي الوزن الحر فإن الوقفات الطبيعية معدومة . ([25])
الخواتم الضعيفة للقصائد الحرة
وتبرز مشكلة جديدة تعالجها نازك ، فالشعراء يلجأون إلى أساليب شكلية غير مقبولة عند ختام قصائدهم ، منها اختتام القصيدة بتكرار مطلعها ، وأسلوب آخر اسمته أسلوب " ويظل" وهو أسلوب تنويمي لأنه يسلم المعنى الى استمرارية مريحة . ([26])
عيوب الوزن الحر
وتبين ــ نازك ــ عيوب الشعر الحر، وأبرزها عيبان يرتكز كل منهما الى تركيب التفعيلات في الشعر الحر ، وهما :
أ‌)       اقتصار الشعر الحر بالضرورة على عشرة بحور ، وهذا يضيق مجال ابداع الشاعر ( فقد ألف الشاعر أن يجد أمامه ستة عشر بحرا شعريا بوافيها ومجزوئها ومشطورها ومنهوكها ، وقيمة ذلك في التنويع والتلوين ، ومسايرة مختلف أغراض الشاعر الكبيرة ) ([27])
ب‌) يرتكز أغلب الشعر الحر إلى تفعيلة واحدة ــ ثمانية بحور من عشرة ــ ( وذلك يسبب فيه رتابة مملة خاصة حين يريد الشاعر أن يطيل قصيدته ) ([28])
إمكانيات الشعر الحر ومستقبله  
بتفاؤل مشوب بحذر تتنبأ ــ نازك ــ بمستقبل الشعر الحر ، مع أن الحركة برأيها بدأت تبتعد عن غاياتها المفروضة منذ سنة 1951م ، ولاتظن هذا غريبا أو داعيا للتشاؤم ، لأن غالب الحركات الوطنية أو الاجتماعية أو الأدبية تمر بمراحل الفوضى ثم الاستقرار . وتتنبأ نازك بنبوءة جديدة فتقول :
( فأنا أتنبأ بأن حركة الشعر الحر ستصل إلى نقطة الجزر في السنين القادمة ، ولسوف يرتد عنها أكثر الذين استجابوا لها خلال السنين العشر الماضية ، على أن ذلك لايعني انها ستموت ) ([29])
مع أنها أيقنت في مقدمة ديوانها شظايا ورماد بتغييرواسع لايبقي ولايذر فقالت : (  والذي اعتقده أن الشعر العربي يقف اليوم على حافة تطور جارف عاصف لن يبقى من الأساليب القديمة شيئا. فالأوزان والقوافي والأساليب والمذاهب ستتزعزع قواعدها جميعا، والألفاظ ستتسع حتى تشمل آفاقا جديدة واسعة من قوة التعبير، والتجارب الشعرية "الموضوعات" ستتجه اتجاها سريعا إلى داخل النفس بعد أن بقيت تحوم حولها من بعيد. أقول هذا اعتمادا على دراسة بطيئة لشعرنا المعاصر واتجاهاته. ) ([30]) وتضيف ظايضا في المقدمة (آخر ما أود أن أقوله في هذه المقدمة إنني أؤمن بمستقبل الشعر العربي إيمانا حارا عميقا. أؤمن أنه مندفع بكل ما في صدور شعرائه من قوى ومواهب وإمكانيات، ليتبوأ مكانا رفيعا في أدب العالم.) ([31])
الفصل الثاني / الجذور الاجتماعية لحركة الشعر الحر
تحدثت نازك عن الجذور الاجتماعية لحركة الشعر الحر. فالتجديد حاجة ماسة تفرضه عوامل اجتماعية داخلية وخارجية. ولكن المجتمعات تقف من محاولات التجديد موقف الريبة والتحفظ، فلا تقبل الجديد إلا بعد رفض طويل ومقاومة شديدة . ( لقد كانت هذه الحالة من الانكماش والرفض ردة الفعل الأولى التي لقيته حركة الشعر الحر حين انبثقت أول مرة في العراق ، فقد قابلها الأدباء والجمهور مقابلة غير مرحبة ورفضوا أن يتقبلوها وعدوها بدعة غرضها هدم الشعر العربي ) ([32]) ، وقد اتهم الشعراء المجددون بأنهم لجؤوا إلى هذا الشعر لسهولته وللتخلصمن صعوبة الأوزان العربية.
وتستدل على أن حركة الشعر الحر كانت مقودة بضرورة اجتماعية محضة هو أن محاولات وأدها قد فشلت جميعا ( والحق أنه في إمكاننا أن نعد حركة الشعر الحر حصيلة اجتماعية محضة تحاول بها الأمة العربية أن تعيد بناء ذهنها العريق المكتنز على أساس حديث ) ([33])
وتذكر نازك خمسة عوامل اجتماعية جعلت الشعر الحر ينبثق، وهي تتعلق بالاتجاها الاجتماعية العامة للفرد العربي المعاصر ، وترتكز إلى تفاصيل الشعر القديم ، وخصائص الشعر الحر نفسه :
1.    النزوع إلى الواقع
( تتيح الأوزان الحرة للفرد المعاصر أن يهرب من الجواء الرومانسية إلى جو الحقيقة الواقعية ... وقد تلفت الشاعر إلى أسلوب الشطرين فوجده يتعارض مع هذه الرغبة عنده لأنه من جهة مقيد بطول محدود للشطر وبقافية موحدة لايصح الخروج عليها،  ولأنه من جهة أخرى حافل بالغنائية والتزويق والجمالية     العالية )  ([34])
2.    الحنين إلى الاستقلال
فالشاعر الحديث يحب أن يثبت فرديته باختطاط سبيل شعري معاصر يصب فيه شخصيته الحديثة التي تتميز عن شخصية الشاعر القديم ... ويعني هذا أن لحركة الشعر الحر جذورا نفسية نفسية تفرضها ... وحرقة الاستقلال هذه تدفع الشاعر إلى البحث في أعماق نفسه عن مواهب كامنة غير مستغلة وعن مقدرات وخصائص ... تعطيه شخصية متفردة تميزة عن أسلافه . ([35])
3.    النفور من النموذج 
وتتقصد بالنموذج : اتخاذ شيء ما وحدة ثابتة وتكرارها بدلا من تغييرها وتنويعها ... لقد جاء الشاعر المعاصر باتجاهاته الحديثة ونظر في نظام الشطرين فوجده يبيح له شكلا مقيدا بنمط معين ذي طبيعة هندسية مضغوطة ... ولابد أن تتطلب هندسة مقابلة في الفكر الذي يستوعبه هذا الشكل ، وذلك بمعزل عن حاجة السياق ... لقد وجد الشاعر الحديث نفسه محتاجا الى الانطلاق من هذا الفكر الهندسي الصارم الذي يتدخل حتى في طول عبارته ، وليس هذا غريبا في عصر يبحث عن الحرية ، ويريد أن يحطم القيود ، ويعيش ملء مجالاته الروحية والفكرية ... ولم تكن حركة الشعر الحر الا استجابة لهذا الميل . ([36])


4.    الهروب من التناظر
تربط نازك هنا بين الفن المعماري العربي ، وأوزان الخليل العروضية ، وتبالغ فتقول : ( ولم يخطر ببالي أنني إنما دعوت ... إلى إقامة الشعر على أشطر غير متساوية ... لأنني أدعو أيضا إلى تغيير نظام المباني ... وعندما استجاب كثير من شعراء العصر إلى دعوة الشعر الحر بدأ طراز المباني يتغير )
( وعلى هذا تكون سطوة الشعر الحر على الحياة العربية اليوم ، ناشئة على أننا نتأثر بطراز المباني التي نحيا فيها ، وهي مباني ثائرة على التناظر ثورة واضحة لكل ذي بصر.) ([37])
5.    إيثار المضمون
يتجه الفرد العربي المعاصر إلى تحكيم المضمون في الشكل ، وهذا مرتبط بما نراه من ميل العصر إلى الإنشاء والبناء ... إن الشكل والمضمون يعتبران في أبحاث الفلسفة الحديثة وجهان لجوهر واحد لايمكن فصل جزئيه إلا بتهديمه أولاً. 
ولقد جاء عصرنا هذا على أثر العصر المظلم الذي غلبت فيه على الشعر العربي القوالب الشكلية والصناعية الفارغة والأشكال التي لاتعبر عن حاجة حيوية ... وقد كان ردّ الفعل المباشر عند الشاعر المعاصر ، أن يتجه إلى العناية بالمضمون ، ويحاول التخلص من القشور الخارجية .
ومن ثم فإن الأسلوب القديم عروضي الاتجاه ، يفضل سلامة الشكل على صدق التعبير وكفاءة الإنفعال ، ويتمسك بالقافية الموحدة ، لو على حساب الصور والمعاني التي تملأ نفس الشاعر . ([38])





 المراجع
1.    قضايا الشعر المعاصر ، نازك  الملائكة .  دار العلم للملايين ، بيروت  الطبعة الثانية عشر 2004.
2.    مقدمة  شظايا ورماد ، نازك الملائكة. ضمن سلسلة نظرية الشعر، جمع محمد كامل الخطيب ، وزراة الثقافة ـ سوريا د.ت

[1] الملائكة . نازك . قضايا الشعر المعاصر ، دار العلم للملايين ، الطبعة الثانية عشر 2004. ص5
[2] المصدر نفسه ،ص 6
[3] انظر المصدر نفسه ، ص9ـ 10
[4] المصدر نفسه ص 12
[5] المصدر السابق ص 14 بتصرف
[6] المصدر نفسه ص 15
[7] المصدر نفسه ص 16
[8] المصدر نفسه ص 17
[9] قضايا الشعر المعاصر ص 17
[10] المصدر نفسه  ص 28
[11] المصدر نفسه  ص 28
[12] المصدر نفسه  ص 35
[13] المصدر نفسه  ص 37
[14] الملائكة ، نازك . مقدمة  شظايا ورماد . ضمن سلسلة نظرية الشعر،جمع محمد الخطيب ، وزراة الثقافة ـ سوريا د.ت ، ص 726
[15] مقدمة  شظايا ورماد . ضمن سلسلة نظرية الشعر، ص727
[16] مقدمة  شظايا ورماد . ضمن سلسلة نظرية الشعر،ص 729
[17] مقدمة  شظايا ورماد . ضمن سلسلة نظرية الشعر،ص 731
[18] قضايا الشعر المعاصر ص 37
[19] المصدر نفسه  ص 38
[20] المصدر نفسه  ص 38
[21] المصدر السابق  ص 41
[22] المصدر نفسه  ص 42 ــ 43
[23] المصدر نفسه  ص 42 ــ 43
[24] المصدر السابق   ص 43
[25] المصدر نفسه    ص 44
[26] المصدر نفسه    ص 45 ــ 47
[27] المصدر نفسه    ص 48
[28] المصدر نفسه    ص 48
[29] المصدر السابق    ص 48
[30] مقدمة  شظايا ورماد . ضمن سلسلة نظرية الشعر ص 734
[31] مقدمة  شظايا ورماد . ضمن سلسلة نظرية الشعر ص 735
[32] قضايا الشعر المعاصر ص 50 ـ 51
[33] المصدر نفسه    ص 55
[34] المصدر السابق    ص 56
[35] المصدر نفسه    ص 58
[36] المصدر نفسه    ص 60
[37] المصدر السابق  ص 62
[38] المصدر السابق  ص 63