السبت، 13 نوفمبر 2010


النخلة في ديوان ((أهازيج على ربى دوعن )) للشاعر سالم بن سلمان
لم يكن غريباً أن يحن الشاعر والفارس العربي صقر قريش ، عبدالرحمن الداخل وهو بأرض الأندلس إلى النخلة ، فيرسل من يجلبها له من المشرق ثم يأمر بغرسها أمام قصره ، وينشد فيها قصيدته المشهورة:
تبدت لنا وسط الرصافة نخلة   ***  تنات بأرض الغرب عن وطن النخل
فقلت شبيهي في التغرب والنوى*** وطول التنائي عن بني وعن أهلي
ذلك أن علاقة العربي بالنخلة ليست علاقة المنفعة فقط  ، ولكن تتعدى إلى علاقة أشد وأعمق .
فالعربي يرى في (عمته ) النخلة رمزا للسمو والعطاء الفياض والسعي لنفع الآخرين ، والتعالي على جواذب الأرض .
والشاعر سالم بن سلمان وهو من أبناء وادي دوعن الجميل ، المليء بالنخيل يتخذ نفس الرمز للنخلة في ديوانه أهازيج على ربى دوعن.
فالشاعر في ديوانه يحتفي بالمكان ، بالزمان ، بالإنسان ، بالطبيعة الخلابة .
والنخلة في أهازيج بن سلمان رمز للعطاء الفياض ، رمزللثبات على المبدأ
وهي دليل واضح على بساطة الحياة في الوادي الأخضر الجميل .
والشاعر يرتبط بعلاقة وثيقة بالنخلة رمز التراث ، فهو يحن إليها ، فإذا ماغاب عنها عاد إليها ومتع نظرها بها :
إذا مااستطال بي البعد
عدت إليك
حططت الرحال لديك
ومتعت عيني
برؤيا النخيل [1]             
ويجعل النخلة تشاركة مشاركة وجدانية فإذا هي طربة ، تتراقص فرحا
وللنخلة الحلوة المشتهاة
على طول واديك حفل
وحلم غد
ضارب في الزمان [2]    
ويقول ايضاً في قصيدة أخرى بعنوان ( صباح ريفي ) :
تتراقص الأشجار
والنخلات
من ثمل
وتنبض بالحياة [3]
إن النخلة في الأهازيج كائن حي يشارك الانسان في فرحة ، في حزنه ، ويشاركه الانسان كذلك .
فالنخلة تحزن إذا غاب صاحبها ، ولم يتلمس جذعها ، أو يتحسس نحرها
ولذا يخاطب الشاعر النخلة الحزينة في قصيدة (أحزان نخلة الوادي ) :
ماالذي صار ؟
وماذا ألم بك اليوم ؟
يانخلتي
يانخلة العز والافتخار
تغضن فيك شهي الجنى
وأقفر منك
لذيذ الثمار [4]
والنخلة رمز للشموخ والثبات ، فهي لاترتجف رغم كثرة العواصف وقوة الرياح .
غضبة الريح الشمال
ترجف الأبواب
ترتج لها الشرفات
ينتصب النخيل  [5]
إن الشاعر بن سلمان تربطه بالنخلة علاقة وطيدة ، مذ كان صغيرا ، ولذا فهو يحتفل بها احتفالا بالغاً.
حين كنا معا
نتفيأ ظلك
نتذوق زادك
حين كنا بزهو الصغار
وعنف الكبار
نهز جذوعك
فيساقط الرطب الغض [6]
وهكذا يمضي بن سلمان متعلق بالنخلة الفاتنة ذات الخصلات الخضراء ، المدرة بالخير والعطاء ، الشامخة رغم قوة العاصفة ، الصابرة على قسوة الزمان ن ومفارقة الخلان .

 عبدالله أحمد قنيوي
19/5/2006




[1]  أهازيج على ربى دوعن ص 16.
[2]  نفس المصدر ص 24
[3]  نفس المصدر ص 58
[4]  نفس المصدر ص 37
[5]  نفس المصدر ص 21
[6]  نفس المصدر ص 32

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق